responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 366
[التعزير ُفي منكراتِ الأعيانِ والصفاتِ] (1)

(1) - وفي الطرق الحكمية - (ج 1 / ص 366)
فَالْأَوَّلُ: الْمُنْكَرَاتُ مِنْ الْأَعْيَانِ وَالصُّوَرِ، يَجُوزُ إتْلَافُ مَحَلِّهَا تَبَعًا لَهَا، مِثْلُ الْأَصْنَامِ الْمَعْبُودَةِ مِنْ دُونِ اللَّهِ، لَمَّا كَانَتْ صُوَرُهَا مُنْكَرَةً: جَازَ إتْلَافُ مَادَّتِهَا، فَإِذَا كَانَتْ حَجَرًا أَوْ خَشَبًا وَنَحْوَ ذَلِكَ: جَازَ تَكْسِيرُهَا وَتَحْرِيقُهَا، وَكَذَلِكَ آلَاتُ الْمَلَاهِي - كَالطُّنْبُورِ - يَجُوزُ إتْلَافُهَا عِنْدَ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَأَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ.
قَالَ الْأَثْرَمُ: سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَسْأَلُ عَنْ رَجُلٍ كَسَرَ عُودًا كَانَ مَعَ أَمَةٍ لِإِنْسَانٍ، فَهَلْ يَغْرَمُهُ، أَوْ يُصْلِحُهُ؟
قَالَ: لَا أَرَى عَلَيْهِ بَأْسًا أَنْ يَكْسِرَهُ، وَلَا يَغْرَمُهُ وَلَا يُصْلِحُهُ، قِيلَ لَهُ: فَطَاعَتُهَا؟ قَالَ: لَيْسَ لَهَا طَاعَةٌ فِي هَذَا.
وَقَالَ أَبُو دَاوُد: سَمِعْت أَحْمَدَ يُسْأَلُ عَنْ قَوْمٍ يَلْعَبُونَ بِالشِّطْرَنْجِ، فَنَهَاهُمْ فَلَمْ يَنْتَهُوا، فَأَخَذَ الشِّطْرَنْجَ فَرَمَى بِهِ؟ قَالَ: قَدْ أَحْسَنَ.
قِيلَ: فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ؟ قَالَ: لَا، قِيلَ لَهُ: وَكَذَلِكَ إنْ كَسَرَ عُودًا أَوْ طُنْبُورًا؟ قَالَ: نَعَمْ.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: سَمِعْت أَبِي - فِي رَجُلٍ يَرَى مِثْلَ الطُّنْبُورِ أَوْ الْعُودِ، أَوْ الطَّبْلِ، أَوْ مَا أَشْبَهَ هَذَا - مَا يَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ: إذَا كَانَ مَكْشُوفًا فَاكْسِرْهُ.
وَقَالَ يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، وَأَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ: إنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ سُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يَرَى الطُّنْبُورَ وَالْمُنْكَرَ: أَيَكْسِرُهُ؟ قَالَ: لَا بَأْسَ
وَقَالَ أَبُو الصَّقْرِ: سَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ رَجُلٍ رَأَى عُودًا أَوْ طُنْبُورًا فَكَسَرَهُ، مَا عَلَيْهِ؟ قَالَ: قَدْ أَحْسَنَ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي كَسْرِهِ شَيْءٌ.
وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: سَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَمَّنْ كَسَرَ الطُّنْبُورَ وَالْعُودَ؟ فَلَمْ يَرَ عَلَيْهِ شَيْئًا.
وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ: سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ الرَّجُلِ يَرَى الطُّنْبُورَ أَوْ طَبْلًا مُغَطًّى: أَيَكْسِرُهُ؟ قَالَ إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ طُنْبُورٌ أَوْ طَبْلٌ كَسَرَهُ
وَقَالَ أَيْضًا: سَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الرَّجُلِ يَكْسِرُ الطُّنْبُورَ، أَوْ الطَّبْلَ: عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ؟ قَالَ: يَكْسِرُ هَذَا كُلَّهُ، وَلَيْسَ يَلْزَمُهُ شَيْءٌ.
وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ: سَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ كَسْرِ الطُّنْبُورِ الصَّغِيرِ يَكُونُ مَعَ الصَّبِيِّ؟ قَالَ: يُكْسَرُ أَيْضًا، قُلْت: أَمُرُّ فِي السُّوقِ، فَأَرَى الطُّنْبُورَ يُبَاعُ: أَأَكْسِرُهُ؟ قَالَ: مَا أَرَاك تَقْوَى، إنْ قَوِيتَ - أَيْ فَافْعَلْ - قُلْت: أُدْعَى لِغُسْلِ الْمَيِّتِ، فَأَسْمَعُ صَوْتَ الطَّبْلِ؟ قَالَ: إنْ قَدَرْت عَلَى كَسْرِهِ، وَإِلَّا فَاخْرُجْ. وَقَالَ: فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ - فِي الرَّجُلِ يَرَى الطُّنْبُورَ وَالطَّبْلَ وَالْقِنِّينَةَ - قَالَ: فَإِذَا كَانَ طُنْبُورٌ أَوْ طَبْلٌ، وَفِي الْقِنِّينَةِ مُسْكِرٌ: اكْسِرْهُ.
وَفِي " مَسَائِلِ صَالِحٍ " قَالَ أَبِي: يَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ، وَيُفْسِدُ الْخَمْرَ، وَيَكْسِرُ الصَّلِيبَ.
وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ، وَأَهْلِ الظَّاهِرِ، وَطَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَجَمَاعَةٍ مِنْ السَّلَفِ، وَهُوَ قَوْلُ قُضَاةِ الْعَدْلِ.
قَالَ أَبُو حُصَيْنٍ: كَسَرَ رَجُلٌ طُنْبُورًا، فَخَاصَمَهُ إلَى شُرَيْحٍ، فَلَمْ يُضَمِّنْهُ شَيْئًا.
وَقَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ: يَضْمَنُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَدِّ الْمُبْطِلِ لِلصُّورَةِ، وَمَا دُونَ ذَلِكَ: فَغَيْرُ مَضْمُونٍ، لِأَنَّهُ مُسْتَحِقُّ الْإِزَالَةِ، وَمَا فَوْقَهُ فَقَابِلٌ لِلتَّمَوُّلِ: لِتَأَتِّي الِانْتِفَاعِ بِهِ، وَالْمُنْكَرُ إنَّمَا هُوَ الْهَيْئَةُ الْمَخْصُوصَةُ، فَيَزُولُ بِزَوَالِهَا؛ وَلِهَذَا أَوْجَبْنَا الضَّمَانَ فِي الصَّائِلِ بِمَا زَادَ عَنْ قَدْرِ الْحَاجَةِ فِي الدَّفْعِ، وَكَذَا الْحُكْمُ فِي الْبُغَاةِ فِي اتِّبَاعِ مُدْبِرِهِمْ، وَالْإِجْهَازِ عَلَى جَرِيحِهِمْ، وَالْمَيْتَةِ: فِي حَالِ الْمَخْمَصَةِ، لَا يُزَادُ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ.
قَالَ أَصْحَابُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ: قَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَنْ كَلِيمِهِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَنَّهُ أَحْرَقَ الْعِجْلَ الَّذِي عُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ، وَنَسَفَهُ فِي الْيَمِّ، وَكَانَ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ، وَذَلِكَ مَحْقٌ لَهُ بِالْكُلِّيَّةِ، وَقَالَ عَنْ خَلِيلِهِ إبْرَاهِيمَ: {فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا} وَهُوَ الْفُتَاتُ، وَذَلِكَ نَصٌّ فِي الِاسْتِئْصَالِ
وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ " وَالطَّبَرَانِيُّ فِي " الْمُعْجَمِ " مِنْ حَدِيثِ الْفَرَجِ بْنِ فَضَالَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: {إنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ، وَأَمَرَنِي رَبِّي بِمَحْقِ الْمَعَازِفِ وَالْمَزَامِيرِ وَالْأَوْثَانِ، وَالصُّلُبِ وَأَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ} لَفْظُ الطَّبَرَانِيِّ.
وَالْفَرَجُ حِمْصِيٌّ، قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ: هُوَ ثِقَةٌ.
وَقَالَ يَحْيَى: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَتَكَلَّمَ فِيهِ آخَرُونَ، وَعَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ: دِمَشْقِيٌّ ضَعَّفَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ.
وَقَالَ أَبُو مُسْهِرٍ - وَهُوَ بَلَدِيُّهُ - لَا أَعْلَمُ بِهِ إلَّا خَيْرًا، وَهُوَ أَعْرَفُ بِهِ، " وَالْمَحْقُ " نِهَايَةُ الْإِتْلَافِ.
وَأَيْضًا: فَالْقِيَاسُ يَقْتَضِي ذَلِكَ، لِأَنَّ مَحَلَّ الضَّمَانِ: هُوَ مَا قَبِلَ الْمُعَاوَضَةَ، وَمَا نَحْنُ فِيهِ لَا يَقْبَلُهَا أَلْبَتَّةَ، فَلَا يَكُونُ مَضْمُونًا، وَإِنَّمَا قُلْنَا: لَا يَقْبَلُ الْمُعَاوَضَةَ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: {إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةَ وَالْخِنْزِيرَ وَالْأَصْنَامَ} وَهَذَا نَصٌّ، وَقَالَ: {إنَّ اللَّهَ إذَا حَرَّمَ شَيْئًا حَرَّمَ ثَمَنَهُ} وَالْمَلَاهِي مُحَرَّمَاتٌ بِالنَّصِّ، فَحَرُمَ بَيْعُهَا.
وَأَمَّا قَبُولُ مَا فَوْقَ الْحَدِّ الْمُبْطِلِ لِلصُّورَةِ لِجَعْلِهِ آنِيَةً: فَلَا يَثْبُتُ بِهِ وُجُوبُ الضَّمَانِ، لِسُقُوطِ حُرْمَتِهِ، حَيْثُ صَارَ جُزْءَ الْمُحَرَّمِ: أَوْ ظَرْفًا لَهُ، كَمَا أَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ كَسْرِ دِنَانِ الْخَمْرِ، وَشَقِّ ظُرُوفِهَا، فَلَا رَيْبَ أَنَّ لِلْمُجَاوَرَةِ تَأْثِيرًا فِي الِامْتِهَانِ وَالْإِكْرَامِ.
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إنَّكُمْ إذًا مِثْلُهُمْ}.
وَ {سُئِلَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ الْقَوْمِ: يَكُونُونَ بَيْنَ الْمُشْرِكِينَ، يُؤَاكِلُونَهُمْ وَيُشَارِبُونَهُمْ؟ فَقَالَ: هُمْ مِنْهُمْ} هَذَا لَفْظُهُ أَوْ مَعْنَاهُ.
فَإِذَا كَانَ هَذَا فِي الْمُجَاوَرَةِ الْمُنْفَصِلَةِ فَكَيْفَ بِالْمُجَاوَرَةِ الَّتِي صَارَتْ جُزْءًا مِنْ أَجْزَاءِ الْمُحَرَّمِ، أَوْ لَصِيقَةً بِهِ؟ وَتَأْثِيرُ الْجِوَارِثَابِتٌ عَقْلًا وَشَرْعًا وَعُرْفًا.
وَالْمَقْصُودُ: أَنَّ إتْلَافَ الْمَالِ - عَلَى وَجْهِ التَّعْزِيرِ وَالْعُقُوبَةِ - لَيْسَ بِمَنْسُوخٍ.
وَقَدْ قَالَ أَبُو الْهَيَّاجِ الْأَسَدِيُّ: قَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: {أَلَا أَبْعَثُك عَلَى مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ أَلَّا أَدَعَ تِمْثَالًا إلَّا طَمَسْتُهُ، وَلَا قَبْرًا مُشْرِفًا إلَّا سَوَّيْتُهُ} رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى طَمْسِ الصُّوَرِ فِي أَيِّ شَيْءٍ كَانَتْ، وَهَدْمِ الْقُبُورِ الْمُشْرِفَةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ حِجَارَةٍ أَوْ آجُرٍّ أَوْ لَبِنٍ.
قَالَ الْمَرُّوذِيُّ: قُلْت لِأَحْمَدَ: الرَّجُلُ يَكْتَرِي الْبَيْتَ، فَيَرَى فِيهِ تَصَاوِيرَ، تَرَى أَنْ يَحُكَّهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، وَحُجَّتُهُ: هَذَا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ.
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ " عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا {أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا رَأَى الصُّوَرَ فِي الْبَيْتِ لَمْ يَدْخُلْ حَتَّى أَمَرَ بِهَا فَمُحِيَتْ}.
وَفِي " الصَّحِيحَيْنِ ": أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: {لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ}.
وَفِي " صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ " عَنْ عَائِشَةَ: " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - {كَانَ لَا يَتْرُكُ فِي بَيْتِهِ شَيْئًا فِيهِ تَصَالِيبُ إلَّا نَقَضَهُ}.
وَفِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: {وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا عَدْلًا، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ، وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ}.
فَهَؤُلَاءِ رُسُلُ اللَّهِ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ - إبْرَاهِيمُ وَمُوسَى وَعِيسَى وَخَاتَمُ الْمُرْسَلِينَ مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - كُلُّهُمْ عَلَى مَحْقِ الْمُحَرَّمِ وَإِتْلَافِهِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَكَذَلِكَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، فَلَا الْتِفَاتَ إلَى مَنْ خَالَفَ ذَلِكَ.
وَقَدْ قَالَ الْمَرُّوذِيُّ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: دُفِعَ إلَيَّ إبْرِيقُ فِضَّةٍ لِأَبِيعَهُ، أَتَرَى أَنْ أَكْسِرَهُ، أَوْ أَبِيعَهُ كَمَا هُوَ؟ قَالَ: اكْسِرْهُ.
وَقَالَ: قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: إنَّ رَجُلًا دَعَا قَوْمًا، فَجِيءَ بِطَسْتِ فِضَّةٍ، وَإِبْرِيقِ فِضَّةٍ، فَكَسَرَهُ، فَأَعْجَبَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ كَسْرُهُ.
وَقَالَ: بَعَثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إلَى رَجُلٍ بِشَيْءٍ، فَدَخَلْت عَلَيْهِ، فَأُتِيَ بِمُكْحُلَةٍ رَأْسُهَا مُفَضَّضٌ، فَقَطَعْتهَا، فَأَعْجَبَهُ ذَلِكَ، وَتَبَسَّمَ.
وَوَجْهُ ذَلِكَ: أَنَّ الصِّيَاغَةَ مُحَرَّمَةٌ، فَلَا قِيمَةَ لَهَا وَلَا حُرْمَةَ.
وَأَيْضًا: فَتَعْطِيلُ هَذِهِ الْهَيْئَةِ مَطْلُوبٌ، فَهُوَ بِذَلِكَ مُحْسِنٌ، وَمَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ.
اسم الکتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 366
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست